التاريخ لا يكتبه المنتصرون


التاريخ يكتبه المنتصرون

أحد أشهر الجمل التي دمرت التاريخ

التاريخ يكتبه المنتصرون

كنت في نقاش مع أحد زملائي حول مسألة تزييف التاريخ

وهل نستطيع أن نثق في التاريخ أم لا؟!
 
وللأسف الفكرة العامة حاليًا عن التاريخ انه مزيف ولا نستطيع أن نثق به!
والذي روج للفكرة هو أحد أشهر الجُمَل عن التاريخ “التاريخ يكتبه المنتصرون” والتي انتشرت بصورة فظيعة لان من قالها هو “ونستون تشرشل” أحد قادة أفظع حرب عرفتها البشرية “الحرب العالمية الثانية“، وبالطبع هناك أُناس آخرون قالوا جمل مشابهة عن التاريخ قبله وبعده تحمل نفس المعنى، وانتشرت جدًا في فترة الثلاثينات والاربعينات “ما بين وأثناء الحربين العالميتين” بهدف تحفيز الشعوب لتمجيد المنتصر “أو من سينتصر في الحرب”.
 
وللأسف كثير من الناس يرددوا هذه الجملة حاليًا وكأنها قاعدة معرفية، وبقى كثير من الناس يعتمدوا عليها كأنها من بين الحقائق المطلقة التي لا تقبل حتى المناقشة.
 
وكان في البداية اغلب من يستعمل مقولة “التاريخ يصنعه المنتصرون” هم من غير المؤرخين، ولكن اصبح الموضوع أكثر سوء عندما بدأ يستخدم هذه المقولة بعض المتخصصين في التاريخ استنادًا لبعض الأحداث والجوانب التي تم التركيز عليها بصورة فظيعة وبشعة من “تمجيد من لا يستحق وتحقير من يستحق التمجيد”
 
وهذا الفِكر استخدمه بعض الشخصيات في السنوات القريبة الفائتة من أُناس لهم علاقة بالتاريخ وأُناس ليس لهم علاقة به، من اعلاميين ومفكرين مثل “يوسف زيدان” و “ابراهيم عيسى” و “يوسف الحسيني” و “سيد القمني” و “حامد عبدالصمد” وغيرهم كثير من الكُتاب في المقالات والمسلسلات والأفلام مثل فيلم الرسالة مرورًا بالناصر صلاح الدين إلى أن نصل لحريم السلطان.
 
وهذا كله ينقلنا لنقطة في غاية الخطورة والتي توضح مدى صحة هذه المقولة من عدمه، وهي هل يقف دورك انت كقاريء للتاريخ عند القراءة السطحية للأحداث دون بحث وإدراك ومعرفة ببواطن الأمور!
انت تحتاج للقدرة على التفرقة ما بين وجهة نظر كاتب التاريخ وبين التاريخ نفسه؟! وما بين المصادر والمراجع، وما هي المصادر الموثوق بها والمعتبرة، والمراجع ذات العناوين البراقة “لكي يبيع الكتاب عدد نسخ أكثر”.
 
الخلاصة “التاريخ يكتبه المؤرخون” فلا يكتبه المنتصرون فقط بل المنهزمون أيضًا ويكتبه الصادقون والكاذبون، ولابد لقاريء التاريخ أن يفرق بين الأحداث ووجهة نظر كاتبها وأن يبحث وراء صحة الحدث المكتوب في كتب التاريخ ومدى صدق صاحبها وقربه وبعده عن الحدث حتى لا يقع فريسة العناوين البراقة ويلاقي نفسه واقع في كراكيب التاريخ
 

عمادالدين علي | باحث في التاريخ والحضارة